قبل 19 عاما كانت العاصمة الجابونية ليبرفيل شاهدا على واحدة من أصعب
الكوارث الإنسانية في تاريخ كرة القدم عندما شهدت مقتل 18 من لاعبي المنتخب
الزامبي للعبة. وبعد مرور كل هذه السنوات ، تحول المشهد إلى النقيض تماما
وأصبحت ليبرفيل شاهدا على أبرز إنجازات المنتخب الزامبي نفسه عندما شهدت
تتويج الفريق مساء أمس بأول ألقابه القارية حيث تغلب على نظيره الإيفواري
في المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأفريقية الثامنة والعشرين التي
استضافتها غينيا الاستوائية والجابون على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية.
وانتهت المباراة بين الفريقين مساء أمس بالتعادل السلبي في كل من الوقتين
الأصلي والإضافي قبل أن يحقق المنتخب الزامبي الفوز 8/7 في ضربات الترجيح
التي احتكم إليها الفريقان. ودفع أفيال كوت ديفوار ثمن إهدار ضربة الجزاء
التي سددها النجم الشهير ديدييه دروجبا في وسط الشوط الثاني ليحرم دروجبا
نفسه من الفوز باللقب القاري الأول له مع منتخب بلاده. كما تجرع الأفيال
مرارة السقوط بضربات الترجيح للمرة الثانية في النهائي حيث كانت المرة
الأولى في عام 2006 عندما خسرت 2/4 بضربات الترجيح أمام المنتخب المصري
صاحب الأرض علما بأن المنتخب الإيفواري أحرز لقبه الوحيد السابق في البطولة
عن طريق ضربات الترجيح وذلك بالفوز 11/10 على نظيره الغاني في نهائي بطولة
1992 .
وجاء تتويج الرصاصات الزامبية باللقب مساء أمس بعدما أحرز ستوبيلا سونزو
ضربة الترجيح الحاسمة عقب نجاح زميله حارس المرمى كينيدي موييني فى التصدى
لضربة الترجيح التي سددها كولو توريه. وشهد ماراثون ركلات الترجيح ضربتين
ضائعتين أيضا كانتا للإيفواري جيرفينيو والزامبي رينفورد كالابا. وبينما
سيطر الوجوم والدموع على لاعبي المنتخب الزامبي يوم الخميس الماضي خلال
زيارتهم لشاطئ مدينة ليبرفيل الذي وقعت بالقرب منه حادثة تحطم طائرة
المنتخب الزامبي في عام 1993 ، تحول استاد "لاميتي" أو الصداقة في العاصمة
الجابونية مساء أمس إلى مهرجان حقيقي احتفل فيه نجوم زامبيا ومشجعوهم
باللقب التاريخي.
وتسلم كريستوفر كاتونجو قائد المنتخب الزامبي كأس البطولة من تيودورو
أوبيانج نجوما مباسوجو رئيس غينيا الاستوائية وعلي بونجو أونديمبا رئيس
الجابون. ولكن حالة بعض اللاعبين تغيرت إلى النقيض تماما لدى دخولهم إلى
غرف تغيير الملابس حيث استعادوا ذكريات الحادث المشئوم الذي وقع على بعد
500 مترا فقط من ساحل ليبرفيل حيث تحطمت الطائرة التي كانت تقل المنتخب
الزامبي في عام 1993 بعد تزودها بالوقود وإقلاعها من ليبرفيل متجهة إلى
السنغال لخوض مباراة أمام أسود داكار في تصفيات كأس العالم 1994 .
وأسفر هذا الحادث عن مقتل 30 فردا كان من بينهم 18 من لاعبي المنتخب
الزامبي. وأوفى المنتخب الزامبي الحالي بوعده من خلال الفوز باللقب
الأفريقي لتخليد ذكرى أقرانهم الراحلين والذين فارقوا الحياة على مقربة من
ليبرفيل. وصرح فيليكس كاتونجو ، إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ،
بأن اللاعبين تعاهدوا قبل بداية المباراة على الفوز باللقب وتقديمه إلى
أرواح ضحايا 1993 . وقال "أردنا الفوز باللقب من أجلهم ، وشعرنا بالسعادة
الشديدة فقط لأننها أوفينا بوعدنا.. هذا الفريق (منتخب 1993) لن ينسى. لقد
بدأ مهمته ولكنه لم يستطع إنهائها. ونجحنا في إنهاء المهمة له".
وأضاف "كانت ليلة رائعة للكرة الزامبية وأعتقد أن بإمكاننا أن ننطلق من هنا
ونأمل أن نفوز بمزيد من البطولات". وحضر المباراة في استاد "لاميتي" مساء
أمس العديد من الشخصيات البارزة من بينهم السويسري جوزيف بلاتر رئيس
الاتحاد الدولي لكرؤة القدم (فيفا) والفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد
الأوروبي للعبة (يويفا) وأسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه والرئيس الزامبي
مايكل ساتا ونظيره الإيفواري الحسن واتارا. وجذب المنتخب الزامبي مساندة
وتأييد المشجعين الحاضرين في المدرجات إليه منذ بداية المباراة من خلال
الأداء المتزن الذي اتسم بالشجاعة وعدم الرهبة في مواجهة المنتخب الإيفواري
الذي لم تهتز شباكه على مدار هذه البطولة.
وبدا المدرب الفرنسي هيرفي رينار المدير الفني للمنتخب الزامبي منزعجا لبعض
الوقت من لاعبيه وهو ما وضح من دفعته للاعب ديفيز نكاوسو عندما اقترب من
مقاعد البدلاء. وبرر رينار ذلك بأنه أظهر للاعبيه الموقف الذي سجل منه
جيرفينيو هدفا لكوت ديفوار في مرمى مالي بالدور قبل النهائي. وقال "كان
نفس الموقف وكنت أخشى أن يكون نكاوسو قد نسي كلامي أو لم يحترمه". وأضاف
"ولكن لم تكن هناك أي مشكلة بعد انتهاء المباراة لأن اللاعبين يعرفونني
جيدا. يكون من الضروري دفع اللاعبين بهذا الشكل أحيانا".
وكاد المنتخب الزامبي يدفع ثمن الفرص التي أهدرها في هذه المباراة عندما
أسقط لاعبه إسحاق شانسا وزميله نيامبا مولينجا اللاعب الإيفواري جيرفينهو
داخل منطقة الجزاء ليحتسبها الحكم بادارا دياتا ضربة جزاء ولكن دروجبا أطاح
بالكرة أعلى العارضة لتكون ضربة الجزاء الثانية التي يهدرها في هذه
البطولة بعد ضربة الجزاء التي أهدرها في لقاء غينيا الاستوائية بدور
الثمانية. ومع انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي ، احتكم
الفريقان لضربات الترجيح التي حسمت اللقب لصالح زامبيا ليصبح المنتخب
الإيفواري أول فريق يفشل في الفوز باللقب في أي بطولة لكأس أفريقيا رغم عدم
اهتزاز شباكه بأي هدف في هذه البطولة.