بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}[التوبة: 38].
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة" (.
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: 111].
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}[النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْلَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُفَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[الأحزاب : 70- 71].
أما بعد . .
يبدأ الجهاد يا عبد الله في قلبك، فإذا انتصرت على شهوات القلب وعلى شهوات النفس، حطمت ما حولك من المعاصي في نفسك أولاً يا عبد الله، ثم أمرت من حولك بالمعروف ونهيتهم عن المنكر، ثم كسرت قيود الشهوات في هذا المجتمع الذي تعيش فيه، ثم رددت وردد من حولك
الجهاد الجهاد الجهاد الجهاد هو سبيل العزة ثم يرغم الناس وترغم أنوفهم؛ ليتبعوا هذا السبيل ثم يتغير المجتمع الذي حولك، ثم الذي حوله ثم الذي حوله حتى تصحو هذه الأمة النائمة، هذه الأمة التي لا تعرف إلا الشهوات، ولا تعرف إلا الملذات، لا نقول كلها لكن نقول كثير منها، لا يعرف إلا هذا، عبد الله اسمع إلى سلفنا الأوائل كيف أعزهم الله جل وعلا، واسمع ثم انظر إلى حالنا، واعرف يا عبد الله أن مقصودي بهذا الخطبة، أن تحدث نفسك ومن حولك بطريق الجهاد في سبيل الله، ولا تنظر إلى العقبات، ولا تنظر إلى الحدود ولا تنظر إلى من يصدك عن هذا السبيل، فإن الله إن علم في قلوبنا الصدق ف{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 249].
اسمع إلى رسولك عليه الصلاة والسلام، كان أشجع الناس، وكان أقوى الناس، بل كان عليه الصلاة والسلام إذا حمي الوطيس التف الصحابة خلفه يحتمون به عليه الصلاة والسلام، كيف لا وهو أفضل الخلق، وهو الذي تيقن بوعد الله عز وجل أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، إي والله يا عبد الله، كم من المجاهدين من جاهدوا سنوات طوال وما كتب الله لهم الموت، بل ما زالوا بين أهليهم وفي بيوتهم وفي الأمن نزل عليهم الموت، كم وكم؟بل هذا خالد بن الوليد في ساعة الموت أتعرف ماذا يقول أبو سليمان ؟ يقول:والله لقد غزوت ما يناهز المائة غزوة - مائة في حياته غزاها كلها في القتال- ها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء.وهذا شيخ كبير يقال له عمير بن الحمام، يسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:"قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض"
عباد الله تريدون الجنة؟ تريدون داراً قد فرشت باللؤلؤ والزعفران، تريدون داراً خيامها من اللؤلؤ المجوف؟ تريدون داراً لا نصب فيها ولا وصب؟ تريدون داراً يا عباد الله فيها حور عين لو اطلعت إحداها على الأرض لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً، ولأضاءت ما بين السماء والأرض، يعانقها زوجها أربعين عاماً لا يمل منها ولا تمل منه.
تريدون هذه الدار يا عباد الله؟ قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، بضربة أو بطعنة فإذا بك تطير في أنحائها، إنها طلقة واحدة لا تحس بها يا عبد الله،فإذا بك تشرب من مائها وتجلس عند أنهارها، عبد الله هل تريدها؟ قال هذا الشيخ الكبير: بخ بخ . . بخ بخ، قال: "ما حملك على قولك: بخ بخ"، قال: لا يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها- طارت النفس وتشوقت وتلذذت إلى تلك الجنان وهي تنظر إلى نكد الدنيا وإلى تعاستها- قال له عليه الصلاة والسلام:"فإنك من أهلها، فإنك من أهلها، فإنك من أهلها" هذا الرجل يعلم وهو يمشي على الأرض أنه مبشر بالجنة - وقد كان يأكل تمرات فرماها من يده، وقال: إنها لحياة طويلة حتى آكل من هذه التمرات، فألقى ما بيده من تمرات، وتقدمت المعركة أمام الكفار يقاتل حتى قتل رضي الله عنه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب: 23]ما سموا رجالاً إلا لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تعرف كيف كان الصدق الصدق بأن طارت الرقاب، الصدق بأن مُثِلَ بالأجساد، الصدق بأن قطعت الأعضاءوكانوا يحدثون أنفسهم بهذا.
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: 23]هذا الطريق يا عباد الله أوصلهم إلى أنهم دخلوا في خيبر وأجلوا اليهود عن ديارهم وكانت دياراً لهم، أجلوهم عنها بل سلموا الرجال إلى رسول الله تعرف لِمَ يا عبد الله؟ سلموا الرجال؛ ليقتلهم عليه الصلاة والسلام، وسلموا الذراري والنساء والأموال كلها خالصة لرسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم أذلة،لأنهم تعساءلأنهم فقراء حقيرين إذا ظهر الرجال أمامهم وإذا تعالت صيحات الجهاد.
في معركة اليمامةاسمع يا عبد الله كيف ظهرت الشجاعة وكيف نسيناها، هذا رجل يقال له أبو عقيل في بداية المعركة رمي بسهم بين كتفه وفؤاده، فسقط على الأرض جريحاً، فحمله المسلمون وقد كانوا قد انكشفوا وتراجع المسلمون وحمل هذا الجريح بينهم أبو عقيل رضي الله عنه فجئ به إلى الفراش وقد أنهكه الجرح، فسقط على الفراش ينتظر الموت رضي الله عنه، فإذا به يسمع صيحة تقول: يا للأنصار يا للأنصار كرة على عدو الله، كرة على عدو الله، وكان بجنبه ابن عمر رضي الله عنه فقام هذا الجريح من فراشه وقد أنهكه التعب، قام من فراشه وحمل السلام، فقال له ابن عمر : يا أبا عقيل اجلس، يا أبا عقيل اجلس فليس النداء لك، قال: لا والله، لقد نودي بالأنصار، وأنا رجل من الأنصار، قال: أنت جريح مريض، قد أعذرك الله، قال: لا والله لن أجلس على الفراش والمسلمون يقاتلون، فحمل سلاحه وهو جريح، فدخل في المعركة وهو جريح وهو ينازع الموت، عباد الله وهو ينادي في الناس يقول لهم: يا للأنصار، يا للأنصار كرة ككرة حنين كرة ككرة حنين، يا الأنصار، يقول ابن عمر: فتبعته، فإذا به يقاتل بشجاعة وقوة وقد أنهكه الجرح، يقول: فأتيته وقد ضرب ضربات شديدة وهو ينازع في الرمق الأخير، يقول فجلست عند رأسه، فقلت له: كيف أنت يا أبا عقيل؟ قال: يا لبيك يا لبيك لمن استبرح، أي لمن الهزيمة؟ قال: أبشر، قد قتل عدو الله مسيلمة، قد قتل عدو الله والنصر للمسلمين، قال: فسمعته يقول: الحمد لله الحمد لله الحمد لله ثم خرجت نفسه إلى بارئها {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}[الأحزاب: 23].
عباد الله إن الشرق والغرب إن الكفار في هذه الأيام يعلمون كم هو خطر أن يرفع المسلمون مرة أخرى راية الجهاد، وهم يعلمون حقيقة بل يوقنون بهذا، أن الجهاد إذا تفجر في المسلمين فإنه يوقظ هذا العملاق العظيم، وأنه سوف يجعل بالمسلمين حماساً وقوةً وشجاعةً سوف تدمر من حولها، سوف تدمر كل شيء بأمر ربها، يعلمون هذا، ولهذا هم يرسلون إلينا من يزيد في يومنا، ويرسلون إلينا هذه الأجهزة وتلك الآلات وهذه المخدرات والمنومات من تلفاز وغيره حتى يعيش المسلمون في تخدير، ويناموا على فرشهم ويتلذذوا بمطعوماتهم، فإذا قيل لهم: الجهاد في سبيل الله ولوا على أدبارهم إلا من رحم الله جل وعلا.
يقول أحد الصحابة: كنت في معركة فإذا بأبي موسى الأشعري رضي الله عنه في أثناء القتال يطيح في الناس، يقول لهم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف" - ونحن نقول يا عباد الله:إن أبواب الجنة عند أفواه المدافع وتحت الصواريخ، إن أبواب الجنة خلف زناد المدافع والأسلحة، إن أبواب الجنة يا عباد الله عند وفي حقول الألغام هناك أبواب الجنة يا عباد الله- قال: فقام رجل من المسلمين إلى أبي موسى فقال: أأنت سمعت هذا من رسول الله؟ قال: نعم، سمعته يقول:"إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف"قال: فرأيته يرجع إلى قومه فكسر غمد سيفه وأخذ ينادي في قومه، قال: فنظرت إليه يخترق صفوف الكفار، يقول: فقاتل حتى قتل رضي الله عنه" لم لا يا عباد الله ؟ إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف.
نعم يا عباد الله، اسمعوا إلى الله جل وعلا وهو ينادينا يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}[سورة التوبة: 38]، كلما ذكروا بالجهاد تذكر البيت،تذكر الأثاث، تذكر الزوجة والأولاد، تذكر السيارة الجديدة، تذكر الوظيفة، تذكر المنصب، وتذكر الرصيد الذي في البنك{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}[التوبة: 38].
هذا رجل أحد الملوك الذين قد تولوا إمارة المسلمين في يوم من الأيام، في يوم من أيام عزة المسلمين، يرسل إليه أحد الكفار رسالة، يقول له: أعطني هذه الدولةسلمني هذه الأرضوإلا فعلتكذا وكذا، وكأن هذا السلطان تردد وكأنه تلكأ وقد أصاب من المسلمين الضعف ما أصابهم ولكنهم خير من المسلمين في هذا الزمن، فأرسل إليه رسول يقول له: ما لك يا فلان، وأنت تقدم رجلاً وتؤخر أخرى هل أصابك الجبن؟ أم أنك تكذب بموعود نبيك؟ يستهزئ به، ويضحك عليه على أميرٍ للمؤمنين قال: سلمني هذه الأرض، مالك أكذبت بموعود نبيك؟ فلما سمع هذه الكلمات أعد العدة لنفسه، ثم تذكر موعود نبيه عليه الصلاة والسلام، ثم قال للرسول قال وهو يخاطبه: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونََ}[النمل: 37] مزق الرسالة وقال لصاحبها: ارجع ارجع فالجواب ما ترى، لا ما تسمع يا عدو الله الجواب سوف تراه بعينيك، فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها، فقام في الناس هذا الخليفة وهذا الأمير يخطبهم ويحدثهم ويستنفرهم للجهاد، فتجمع له مائة وستة وأربعين ألفا كلهم من المقاتلين في سبيل الله، فدخلوا يقاتلون في الأندلس ويقاتلون، ولم تمر أيام إلا وكتب الله النصر للمسلمين، فقتل من المشركين مائة ألف كلهم زهقت أنفسهم وكلهم قد قتلوا شر قتلة، ولم يقتل من المسلمين إلا عشرون ألفاً {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].
عباد الله أما آن لنا أن نعلم وأن نتيقن أن سبيل العزة لهذه الأمة هو الجهاد في سبيل الله، سواء فتح الباب للجهاد في هذه الأيام أو في المستقبل، فاعلم وتيقن أن طريق العزة هو بالمدافع وهو بالصواريخ وهو بالقنابل، ولابد أن يتعلم جيل المسلمين الشجاعة، ولابد أن يتدربوا منذ الصغر على حمل السلاح؛ لأنه أمر من الله جل وعلا:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] لابد أن نعد العدة يا عباد اللههذا هو كلام ربنا جل وعلا، وهذا هو موعود نبينا عليه الصلاة والسلام، تريد أبواب الجنة، إنها تحت ظلال السيوف، إنها طريق العزة، وهو سبيل النصر، وإلم تأته وتقوم به يا عبد الله فاعلم أنه لابد أن تحدث نفسك به.
أقول قولي هذا واستغفره من كل ذنب استغفره إنه الغفور الرحيم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد..
أيها الإخوة المسلمون كان رجل هذا الرجل كان ضالاً في المسلمين لا يعرف إلا الذنوب والمعاصي، قد أمضى حياته في القتل وفي الذنوب الكبيرة، مر يوم من الأيام على رجل يقرأ القرآن، فسمعه يقرأ قول الله عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]، يقول: فذهب وأخذ يتعبد الله جل وعلا، واعتكف في بيته يصلي ويذكر الله ويقرأ القرآن حتى عمشت عيناه من شدة البكاء، وصارت ركبتاه كركبتا البعير من كثرة السجود، وفي يوم من الأيام علم أن هذا السبيل لا يشفي ولا يجدي، وعلم أن العبادة وحدها لا تغني شيئاً، فسمع يوماً من الأيام بصيحات الجهاد، فذهب إلى الجهاد في سبيل الله، وهو يتذكر ذنبه، ويتذكر ماضيه، ويعلم أن الجهاد يغسل الذنوب غسلاً، فذهب وقد خاض المسلمون معركة مع الروم فنزلوا في البحر وركبوا البحر، وإذا بالفريقين يلتقيان، فإذا بهذا الرجل الذي أمضى ماضيه في المعصية - اسمع يا عبد الله ماذا يفعل؟- فإذا به يرمي بنفسه في البحر، ثم يركب في مركب الروم وحده، يقاتل الكفار النصارى، فإذا به يقاتل وهم ينحازون في المركب، ويقاتل وهم ينحازون، ويقاتل وهم ينحازون، حتى صار الروم كلهم في شق واحد في المركب، انظروا إلى الشجاعة، انظروا إلى البأس، انظروا إلى القوة التي أمدهم الله بها، فإذا بالروم ينحازون إلى شق واحد بالمركب، فإذا بالمركب ينقلب على من فيه، وإذا به يستشهد في سبيل الله، وقد قتل من في المركب كلهم، وقد استشهد في سبيل الله.
عبدالله، إن العبادة وحدها لا تكفي، وإن الجلوس في المسجد وحده لا يكفي حتى نبرهن بإيماننا بالجهاد في سبيل الله{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات: 15]
هذا عبد الله بن المبارك يرسل إلى الفضيل بن العياض - أسمعت بالفضيل؟ هذا الرجل كان معتكفاً في بيت الله الحرام، لا يربو من المعاصي إلا ما كتبه الله عز وجل به عليه- لا يعرف من الدنيا شيئاً، معتكف في بيت الله الحرام، يصلي ويركع ويسجد ويقرأ القرآن ويدعو ربه، فأرسل إليه ابن المبارك ذلك العابد الزاهد ذلك العالم المخلص ذلك المجاهد في سبيل الله أرسل إليه برسالة اسمعها يا عبدالله، وكأنه يخاطبنا بهذه الرسالة، اسمعه يقول ابن المبارك، ذلك الرجل الشجاع المقدام، يخاطبه وكأنه يخاطبنا: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا، لعلمت أنك في العبادة تلعب - يا عابد الحرمين لو رأيتنا في الجهاد كيف نقاتل؟ وكيف نشم رائحة الجنة؟ وكيف نتلذذ بهذه العبادة؟ لقتال لقتال فواقنا فلحظات قليلة، عبد الله من يقاتلها فقد وجبت له الجنة.
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا*** لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخطب جيده بدموعه*** فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل*** فخيولنا يوم الكريهة تتعب
ريح العبير لكم -نعم تلذذ يا عبد الله بالعبير بالرائحة الطيبة وبالملابس النظيفة-
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا*** رهج السناف والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا*** قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي غبار خيل الله في*** أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق *** ليس الشهيد بميت لا يكذب
ليس الشهيد بميت لا يكذب{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران: 169].
عبد الله هذا هو طريق العزة لهذه الأمة انظر إلى أحفاد القردة والخنازير كل يوم يصفعون المسلمين صفعة،كل يوم يقتلون من أبنائها، وكل يوم يضحكون عليهم، وليس بيد المسلمين إلا الخطب وإلا الشجب والاستنكار وإلا الجلوس في مؤتمرات على موائد مع اللئام ومع أحفاد القردة والخنازير، أما آن لهذه الأمة أن تصحو، أما آن لشبابها أن يرفعون هذه الراية، إنني أناشد أولئك الشباب الذين فيهم قوة الدين والإيمان وحمية الإسلام أن يثيروا في الناس مرة أخرى روح الجهاد، وأن يناصحوا كل الناس بأن هذا هو الطريق الأوحد لا سبيل غيره ولا طريق سواه.
عباد الله نحدث أنفسنا ونربي أجيالنا ونربي أولادنا على الجهاد في سبيل الله وعلى القتال في سبيل الله، وأن تكون غايتهم ومناهم وأملهم في الحياة، أن تطير هذه الرقاب كلها في سبيل الله، وأن تتخضب هذه الأجساد بالدماء الزكية في ساحة القتال بالجهاد؛ لإعلاء كلمة الله.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم أعداء الدين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر اللهم أعداء الدين،
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيها أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، اللهم أعد لهذه الأمة عزتها اللهم أعد لهذه الأمة عزتها اللهم أعد لهذه الأمة عزتها، اللهم عليك باليهود والنصارى اللهم عليك باليهود والنصارى اللهم عليك باليهود والنصارى، اللهم مزق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم اجعل الدائرة عليهم، اللهم اجعل الدائرة عليهم، اللهم من أراد بأراضي الإسلام والمسلمين سوءا فأشغله بنفسه واجعل تدبيره تدميره، ورد كيده في نحره، اللهم أعد لهذه الأمة عزتها إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الموضوع الأصلي :
فضل الجهاد في سبيل الله -- نبيل العوضي //
المصدر :
منتديات أحلى حكاية //
الكاتب: agiliedi