المشهد يعكس خيبة الأمل التونسية ، وفرحة غانا بالفوز خسر المنتخب التونسي أمام غانا وودع المونديال الإفريقي .. لكنه فاز بعناصر
كشفت عن مستقبل واعد قد يشهد استرداد نسور قرطاج شراستهم الإفريقية
وتواجدهم على منصات التتويج التي ابتعدوا عنها لأسباب غير مقنعة لسنوات .
خسر نسور قرطاج مواجهتهم اليوم أمام النجوم السوداء في دور الثمانية لكأس
الأمم الإفريقية بهدفين مقابل هدف ، تقدم لغانا جون منساه عند الدقيقة
العاشرة ، وتعادل لتونس صابر خليفة عند الدقيقة 41 ، واضطر المنتخبين إلى
التمديد بوقت إضافي لحسم اللقاء، فتمكن أندريه أيواه من إحراز هدف التقدم
والتأهل الغاني عند الدقيقة 101 ، وطرد الحكم مدافع تونس أيمن عبدالنور
بالبطاقة الحمراء لتعمده ضرب أيواه عند الدقيقة 107 ، الأمر الذي أربك
النسور وحرمهم من تحقيق الأمل التونسي في المونديال الإفريقي .
بداية حماسية اختارها الفريقين منذ الدقيقة الأولى من اللقاء، إلا أن
التحفظ التكتيكي المبكر للمنتخب التونسي منح الأسبقية في الاستحواذ على
الكرة للمنتخب الغاني من خلال العمل الجماعي الذي يقوده من وسط الملعب
الثلاثي أندريه أيوه ومونتاري وأنتوني أناني ، فيما جاءت اختيارات مدرب
نسور قرطاج سامي الطرابلسي المتحفظة دفاعياً مع منح نجم المنتخب يوسف
المساكني حرية العمل الفردي مستغلاً مهاراته في المراوغة من السرعة لينقل
المنتخب إلى منتصف الملعب الغاني بشكل منظم .
كشفت الدقيقة العاشرة من اللقاء حالة الإرتباك غير المبرر لخط دفاع المنتخب
التونسي، عندما سمح لمرور كرة عرضية من ارتفاع متوسط جاءت من ركلة ركنية
اخترقت منطقة العمق الدفاعي لينقض عليها قلب الدفاع وقائد المنتخب الغاني
جون منساه برأسه ويوجه الكرة إلى داخل شباك الحارس التونسي أيمن المثلوثي
كهدف التقدم للنجوم السوداء ، والتأخر لنسور قرطاج .
انتظرت الجماهير التونسية والعربية استفاقة المنتخب التونسي ، إلا أن
الإلتزام التكتيكي والمبالغة في إيجاد السبل لإيقاف نجوم غانا ، كاد أن
يكلف النسور هدفاً ثانياً كنسخة كربونية من هدف منساه عندما مرت الكرة من
ركلة ركنية أمام مرمى المثلوثي المفتوح دون أن تجد لاعب غاني ليحولها داخل
المرمى أو من الدفاع التونسي ليخرجها بعيداً .. لتمر الكرة إلى خارج الملعب
عند الدقيقة 17 من اللقاء مبرهنة على الخلل في العمق الدفاعي للنسور.
على أبواب الدقيقة عشرين من اللقاء ، اقتحم نسور قرطاج حاجز التحفظ من خلال
تحرر زهير الزوادي وإعلانه عن تفعيل جبهة هجومية ناحية اليمين ، ومن أولى
محاولاته حصل للنسور على أول ركنية ، تلتها قيادته لهجمة عنترية بروح
قتالية وصل بها إلى منطقة الجزاء المغربية وحصل على أول ركلة حرة مباشرة
أنذرت بعمل هجومي للتوانسة .
لم يكن تراجع أداء المنتخب الغاني وفقدانه للعمل الجماعي الذي يميزه "
برازيل إفريقيا " والزحف الهجومي من وسط الملعب بتسلسل منظم للتمريرات حتى
الوصول الفعال لمرمى المنافس .. لولا النهج التكتيكي الذي فرضه مدرب
النسور سامي الطرابلسي عندما لعب بثلاثة لاعبين في محور الإرتكاز الدفاعي
بوسط الملعب ، الأمر الذي منح النسور ساتراً دفاعياً متقدماً استطاع إجهاض
الإسلوب الغاني من وسط الملعب ، فاضطر لاعبوه للعب الكرات الطولية للمهاجم
أسامواه جيان ، فسهلت مهمة قلبي الدفاع التونسي مجدي تراوي وكريم حقي .
بعد أن تولى المساكني مهمة الاحتفاظ بالكرة وتنفيذ المراوغة الإيجابية
ناحية اليسار والوسط ، فتح مجدي تراوي مع الزوادي جبهة غزو قوية ناحية
اليمين أربكت الدفاع الغاني وأفقدته التركيز ، ومنحت نسور قرطاج هدف
التعادلا في الدقيقة 41 عندما مرر تراوي كرة عرضية بالمقاس على رأس زميله
صابر خليفة ليحرز هدف التعادل للنسور ، وسط زهول غاني .
على نفس منهجية التعامل التونسي مع البدايات المتحفظة، استحوذ النجوم
السوداء على الملعب في محاولة لإحراز هدف السبق مع الدقائق العشر الأولى من
الشوط الثاني .. وفي المقابل اختار الطرابلسي تطبيق الردع بالهجوم ، فأخرج
لاعب الإرتكاز جميل سيحي ، ودفع بعصام جمعة بدلاً منه ليكون رأس حربة ثاني
مع صابر خليفة ، فيتحول اسلوب لعب النسور إلى 4-4-2 .
التغيير الذي راهن عليه الطرابلسي لإمتلاك الزمام الهجومي للمباراة، أفقد
النسور سيطرتهم على منطقة صناعة اللعب في وسط الملعب ، فامتلكه المنتخب
الغاني وبدأ تنفيذ أداءه المميز الجماعي والمهاري فأحدث خطورة بالغة كشفت
عن الوجه البطولي للحارس المثلوثي، عندما تعملق أمام انفراد أسامواه وأخرج
تسديدته إلى ركنية ، ثم تصديه للصاروخ الذي أطلقه لإيمانول بادو عند
الدقيقة 75 .
بمرونة كبيرة، عاد الطرابلسي ليعدل من مغامرته الهجومية، وذهب ليعزز دفاعه من جديد بإشراك المدافع المخضرم أنيس البوسعيدي .
على طريقة الحسم بالضربة القاضية في لعبة الملاكمة ، فتح المنتخبين اللعب
في أخر خمسة دقائق من عمر الوقت الأصلي للمباراة على أمل أن ينهي أحدهما
المباراة بهدف مباغت ، وكاد عصام جمعة أن يحقق الأمل التونسي ويحسم اللقاء
للنسور عندما سدد صاروخاً تصدى له الحارس الغاني بصعوبة وأخرج الكرة لركنية
كانت كفيلة لمنح النسور الأفضلية في الدقيقتين الأخيرتين ، إلا أن القوة
البدنية في الإنقضاض والإرتقاء للتصدي للكرات الهوائية ، حال دون إحراز هدف
الحسم لينتهي الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل بهدف لكلا المنتخبين .
بوجه مغاير وبأداء راقي ومشرف، دخل المنتخب التونسي الشوط الأول الإضافي
ضاغطاً بكل السبل ، ممتلكاً لوسط الملعب، ومحاصراً للنجوم السوداء في
ملعبهم ، وبالفعل استطاع عصام جمعة إحراز هدف تونسي لم يحتسب بداعي التسلل ،
إلا أن ذلك لم يغير من النهج التونسي الذي واجهه كثافة دفاعية وروح قتالية
عالية من المنتخب الغاني مع تسرع الهجوم التونسي ، وكلاهما ساهم في حرمان
النسور من ترجمة تسيدهم للمباراة إلى إحراز هدف طوال الشوط الإضافي الأول
بأكمله .
وعلى عكس مجريات اللعب ، ومن كرة " ميتة " عرضية من البرنس تاجو " البديل "
والتي إرتقى لها المثلوثي وبعد أن أمسك بالكرة ، تهادت من بين يديه أمام
المتابع أندريه أيوه الذي قبل الهدية وأودع الكرة في المرمى الخالي كهدف
غاني منحه التقدم عند الدقيقة 11 من الوقت الإضافي .
لم تتوقف مجاولات الطرابلسي لفك طلاسم الدفاع الغاني، فدفع بالمهاجم سامي
الدراجي بدلاً من لاعب الوسط الزوادي ، وبالفعل كاد أن يحقق مراده لولا
البطاقة الحمراء التي تحصل عليها المدافع عبدالنور لتعمده ضرب مواه ،
فانعكس ذلك بالتوتر والعصبية على باقي لاعبي المنتخب التونسي ، فتسابقوا في
إضاعة الفرصة تلو الأخرى بسبب العصبية وفقدانهم التركيز ، لينتهي اللقاء
بفوز غاني بهدفين مقابل هدف وتأهلها للدور قبل النهائي ، وخروج نسور قرطاج
بخطأ قليلاً ما تأتي به كرة القدم لتحبط تألق حارس قاد منتخب بلاده لأداء
رفع طموح جماهيره مثلما فعل المثلوثي في هذا الكرنفال الإفريقي مع المنتخب
التونسي .
نسور قرطاج إلى خارج المونديال الإفريقي .. " العملاق " المثلوثي يهدي غانا هدف التأهل لقبل النهائي