بين العيون الكبريتية وفي أحضان جبال البحر الأحمر العالية والرمال البيضاء الناعمة
ومياه خليج السويس الصافية، يقع منتجع العين السخنة السياحي على مسافة 55
كيلومتراً جنوب مدينة السويس.
وتمتد شواطئ السخنة لمسافة 80 كيلومترا على ساحل البحر الأحمر، بدءاً من الحدود
الجنوبية لرأس الأدبية شمالا وحتى رأس الزعفرانة جنوبا. وتتميز منطقة العين السخنة
بواجهة سياحية جديدة، تستطيع جذب السياح من شتى أنحاء العالم إلى مصر، خاصة أنها
نموذج سياحي فريد من حيث الطبيعة الخلابة والشمس الدافئة طوال العام وجبالها
الشاهقة الرائعة والعيون الكبريتية التي تعالج الكثير من الأمراض.
وتعد العين السخنة منتجعا صيفيا وشتويا ومقر استجمام في عطلة آخر الأسبوع للكثير
من سكان القاهرة، باعتبارها أقرب الشواطئ للعاصمة المصرية حيث تصل المسافة بينها
وبين القاهرة إلى نحو 140 كيلومترا فقط تقطعها السيارة في نحو الساعة و15 دقيقة،
فضلا عن موقعها بين جبال البحر الأحمر، وعلى مياه خليج السويس، مما جعلها مميزة
لممارسة رياضة الصيد والغوص والتزحلق على المياه وتسلق الجبال وممارسة رياضة
الجولف والتصوير الفوتوغرافي تحت الماء، كما أنها تتفرد برمال شواطئها، والتي تعد
من أجمل الرمال في العالم وتصلح لإقامة المعسكرات.
وتوجد بالعين السخنة عيون كبريتية ساخنة تستخدم للاستشفاء، لذلك سميت بهذا الاسم
وجذبت طبيعتها الساحرة العديد من الأجانب إليها للسياحة العلاجية، وجعلها من أكثر
المناطق السياحية جذبا للسياح.
ويرى الباحثون أن الفوائد الصحية التي تحققها المياه الكبريتية لمرضى الروماتيزم
والعظام والأمراض الجلدية متعددة، وتزيد فوائدها على 35 فائدة لمرضى التهابات العظام
والمفاصل وحالات الشلل وضعف الأطراف والنقرس وأمراض الجهاز التنفسي
واضطرابات الدورة الدموية، كما ثبت مؤخراً تأثيرها الممتاز على الجهاز السمعي
ومشكلات الصداع المزمن، بعدما فشلت معظم العقاقير الطبية في حسم مشكلات المرضى،
بجانب ما تسببه العقاقير من آثار جانبية.
كما يتوافر في هذه العيون الطمي في برك العيون الكبريتية، بما له من خواص علاجية
تشفى العديد من أمراض العظام وأمراض الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والأمراض
الجلدية وغيرها، كما ثبت أيضا الاستشفاء لمرضى الروماتيزم المفصلي عن طريق الدفن
في الرمال.
وفي العين السخنة يوجد ينبوعا ماء طبيعي درجة حرارتهما 35 درجة مئوية، أحدهما
تحت سفح جبل عتاقة جنوب خليج السويس، والثاني داخل حرم فندق العين السخنة بـ 54
كيلومترا. ويقام حاليا بالعين السخنة مشروع ضخم من المنتظر أن يتم الانتهاء منه أواخر
العام الجاري، وهو مشروع بورتو السخنة وهو مشروع لتنمية جبال السخنة ويعتبر أحد
أهم المشاريع بالمنطقة ويقع على مساحة 5.2 مليون متر مربع وعلى ارتفاع 270 مترا
فوق سطح البحر.
ويعتبر مشروع «بورتو السخنة» أول منتجع جولف مصري بمواصفات عالمية بمساحة
تقدر بمليوني متر مربع، ويقع وسط الجبال، ويضم 18 حفرة ليجذب لاعبي الجولف
المحترفين جنبا إلى جنب مع اللاعبين المبتدئين.
كما يضم منتجع «بورتو السخنة» مارينا يخوت إضافة إلى 5 نواد صحية ومجموعة
مطاعم و3 دور عرض سينمائي، إلى جانب ثلاثة مراكز تجارية تضم محلات ترضي كافة
الأذواق وتضم مجموعة من أشهر العلامات التجارية.
و«بورتو السخنة» أول منتجع جبلي في مصر يطل على البحر، ويضم أول تليفريك
مصري يمكن للزائر الانتقال به من مكان إقامته إلى مكان تجمع المحلات والمطاعم
والمقاهي والاستمتاع بالمناظر الخلابة.
ويضم المنتجع 400 غرفة، إضافة إلى شقق وفيلات وأيضا شاليهات صممت لتقدم أعلى
مستوى من الرفاهية، جميعها يطل على ساحل البحر الأحمر أو ملاعب الجولف وجميعها
تضم مسابح داخلية.
ويوجد بالمشروع أنواع مختلفة من الوحدات، فهناك الشقق الفندقية والتي تضم نوعين
من الشقق الجبلية والتي تطل على البحر أو الجولف، والثانية الشقق الهرمية والتي تطل
على مارينا اليخوت الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
وتتنوع شواطئ العين السخنة ما بين شواطئ منبسطة ومسطحة تكسوها الرمال البيضاء
الناعمة وبين شواطئ خلابة وبكر تتخللها وتحدوها هضاب صخرية ذات تكوينات
جيولوجية متفردة ونادرة.
وزادت الاكتشافات الأثرية الأخيرة بالعين السخنة من أهميتها السياحية، حيث عثرت
البعثة الفرنسية للآثار بالعين السخنة في فبراير (شباط) العام قبل الماضي على كنز أثري
يرجع لفترة الدولتين الحديثة والوسطى في مصر ويرجع عمره لأكثر من أربعة آلاف عام
مضت في منطقة جبل الجلالة، كما اكتشفت بعثة ألمانية مشابهة تمثالا ضخما للملك
أمنحتب الثالث في موقع عبارة عن منجم ومسبك لاستخراج خام النحاس الموجود في
جبل الجلالة، حيث تم اكتشاف مجموعة كبيرة من الأفران التي يتم فيها استخلاص
النحاس المستخرج من الجبل مخلوطا بالشوائب، ويتم صهره وتنقيته.
وتضمنت الاكتشافات الأثرية بالمنطقة أيضا مجموعة من الكهوف والمغارات داخل الجبل،
يصل عمق بعضها إلى أكثر من ثمانية أمتار.. وتجتذب العين السخنة سائحين من دول
إيطاليا وألمانيا وروسيا، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من السائحين من الدول العربية.
وأمام الزيادة المطردة في أعداد السائحين أقامت مصر عددا من المشروعات السياحية
وتطورت إقامة الفنادق من فئة الثلاث نجوم والأربع والخمس نجوم لملاءمة كافة
المستويات.
وتشير الإحصاءات السياحية المصرية إلى أن الطاقة الفندقية بالعين السخنة سواء التي تم
افتتاحها أو التي تحت التشغيل والتقييم وتحت التنفيذ تبلغ 6 آلاف و563 غرفة فندقية،
وبحلول عام 2012 ينتظر أن تضم المنطقة حوالـي 40 فندقاً و7 آلاف غرفة.
وتقوم خطة التنمية المستقبلية التي أعدتها هيئة التنمية السياحية حتى عام 2017 على
تقسيم المنطقة إلى سبعة مراكز سياحية جديدة، تضم عشرة آلاف غرفة فندقية وخدمات
ومرافق متكاملة لكل مركز تشمل هذه الخدمات والمرافق محطات تحلية المياه والصرف
الصحي والطاقة وشبكات الاتصال الهاتفي اللاسلكي.
ويوجد بمنطقة العين السخنة، حقول للبترول والغاز ومشاريع للتكرير وإسالة الغاز،
ويوجد قرب الميناء مصفاة كبيرة لتكرير السكر والوقود النباتي ومصنع لإنتاج الأمونيا.
ويرى خبراء البيئة فرصة كبيرة في أن تكون العين السخنة نموذجاً مثالياً لمنطقة
المنتجعات التي تتميز ببيئة سليمة لتوفر أسباب الحياة لمجموعات متنوعة من النباتات
والأشجار التي تشمل شجرة «الطرفاء» ذات الأغصان النحيلة و«السنط» وشجرة
«المرخ» ذات الأغصان العارية والغصينات الرفيعة، وكذلك مجموعة كبيرة من الشجيرات
الشوكية والنباتات الربانية الصغيرة ذات الأنسجة العصارية والأعشاب والنباتات العطرية.
وتضم هذه المنطقة الصحراوية أيضاً نخيل البلح سواء المزروعة أو شبه الطبيعية.
وتشمل أنواع الحيوانات البرية بالمنطقة غزال الدور كاس وثعلب الصحراء الصغير
والوعل الجبلي والأرنب المصري ونوعين من اليرابيع (قوارض تشبه الفأر) لديها أرجل
خلفية طويلة تساعدها على القفز، كذلك ما زال يوجد في هذه الصحراء حيوان «ابن
آوى» المصري ونوعان من الحيوانات الثديية آكلة اللحوم، إحدى فصائل القطط البرية،
والنمس المصري المخطط.
والعين السخنة ليست مجرد مقصد لمن يبحثون عن اكتساب اللون الجميل لبشرتهم تحت
أشعة الشمس، بل إنها موقع يمكن للمرء أن يستمتع فيه بعبق التاريخ، حيث تتوافر أدلة
على أن المنطقة كان لها مكانها في التاريخ، إذ إنها تضم مجموعة شهيرة من أقدم أديرة
الرهبان في العالم، وذلك غرب الزعفرانة على الطريق إلى الكريمات، ومن أكثر هذه
الأديرة شهرة دير الأب أنطونيوس والذي يعتبره المؤرخون رائد الحياة الرهبانية كذلك
نجد دير الأب بول الشهير، وتم تشييد هذين الديرين قبل 16 قرناً.
من ناحية أخرى، تعتقد مجموعة من المؤرخين بأن الجزء الشمالي من تل الجلالة
البحرية هو النقطة التي عبر منها سيدنا موسى وبنو إسرائيل في خروجهم من أرض
مصر إلى شبه جزيرة سيناء. ويستشهد هؤلاء المؤرخون في نظرياتهم هذه بحقيقة أن
قاع البحر الأحمر وشواطئه وموانيه تتمتع بتاريخ بحري غني ومتنوع، إذ كان الطريق
الرئيسي المؤدي إلى الهند وجنوب آسيا بالنسبة لقدماء المصريين والفينيقيين.
وتضم العين السخنة أيضا ميناء ضخما بلغت تكلفة إقامته نحو 770 مليون دولار كأول
وأكبر ميناء يديره القطاع الخاص في مصر وتديره شركة موانئ دبي العالمية. ويخضع
ميناء العين السخنة لإدارة شركة تنمية ميناء العين السخنة، ويتصل بطريق بري إلى
السويس ويربطه بالمنطقة الصناعية خط سكة حديد وتغطي المنطقة المبدئية للميناء 23
مليون متر مربع.
وتنفذ مصر مشروعات تتعلق بالبنية التحتية لتطوير المنطقة خاصة مشروعات الكهرباء،
حيث أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة مؤخرا عن بدء تدبير التمويل اللازم لإنشاء محطة
توليد جديدة لإنتاج الكهرباء بالعين السخنة بقدرة 1300 ميجا وات وباستثمارات تصل
إلى 8 مليارات جنيه.
وستوفر المحطة الجديدة متطلبات المشروعات التنموية والصناعية والسياحية الحالية
والمستقبلية لهذه المنطقة من الكهرباء، والتي تعتبر من أكبر المناطق الاقتصادية علي
مستوى الجمهورية.
ونظرا لما تتمتع به العين السخنة من موقع متميز وبيئة مناخية صحية تم اختيارها لتقام
فيها أول مصنع بمصر والشرق الأوسط وإفريقيا لإنتاج أبراج مزارع الرياح وإنتاج
توربينات التوليد وإنتاج الريش الهوائية بمختلف أحجامها.